أحمد علما
ومن بعيد ،
من وراء جدار مجهول قائم بيني وبينك ، يأتيني صوتك الرخيم يا أحمد ..
من حفرة القبر ، وبرودته ، و عتمته تهتف بي :
– دعني أغمض عيني يا صديقي ، فقد أتعبني حزنك ، و أتعبني تحديقي ههنا .. دعني من غير أن تعذبني !
أريد أن أستريح ..
– الدود هنا ، لا يريد أن يأكل عيني يا صديقي . أطمئن ! سمعته يهمس في أذني : لا نحب أن نأكل عيون الشهداء .
أنتم عشب الأرض و زورقة السماء .
و أنتم مجد الله في علاه ..
و سر وجوده على الأرض ..
القبر الرخامي المهجور بدمشق
تراب العالم كله ، لن يملأ حفرته الصغيرة ..
وعينا أحمد لا تريدان أن تغمضا ..
تحدقان في العتمة كقندلين في مغارة مظلمة رطبة ..
وأنا مثله لا أكف عن التحديق في موج البحر ، و زرقة السماء .. وصدى الفراغ المفزع !..
عيناي مصلوبتان هناك ، على رخامة القبر الصغير الأبيض . و أنا يا ابن خالتي لا أملك بيت ولا قبر
اتسمع ؟ أنني لا أستطيع أن أملك حتى ذلك القبر ! في دائرة السجل العقاري .
د.فراس فارس** الشارع العربي **