أبي ..سلام عليك !
الكل يكتب عن “الأم” وهي تستحق ذلك ولا شك.. وقلّةٌ من الناس يكتبون عن “الأب”!
الأب هو السند والقوة والعطاء والرحمة.. مهما كان الزوج حنوناً أو عطوفاً فلن يبلغ معشار حنان الأب وعطفه وخوفه عليك!
لا أحد في الوجود يغني عن الأب في حياتك.. وجوده حياةُ وأملٌ وحمايةٌ وأمنٌ وأمانٌ وطمأنينةٌ.. وفقدانه انكسار الجناح والظهر مهما كنتَ قويّاً.. من ظنّ أنه يستطيع أن يستغني عن أبيه في حياته فقد ضلّ سواء السبيل!
مهما كان في الأب من عيوب.. يبقى هو الرمز الأول في حياتك.. فلا تتصيد أخطاءه مهما كبُرَتْ.. خاب وخسر من أدرك أباه قبل موته ولم يدخل الجنة!
برّكَ بأبيك حياةٌ وتوفيقٌ ورزقٌ ورحمةٌ لك في الدنيا، وفوزٌ وجنةٌ لك في الآخرة! وعقوقُ الأب في الدنيا دمارٌ وضيقٌ في الرزق وعلةٌ في الصحّة وضياعٌ للبركة في مالك وأعمالك!
هل تذكر آخر مرةٍ ناديت “بابا” أو “أبي”؟! إن كان أبوك حيّاً فقلها وردّدها كثيراً.. وإن كان ميتاً فلا عزاء لقلبك..!
لا أذكر يوماً أنني قلتُ لأبي -رحمة الله عليه- “أنت”.. بل كنتُ أخاطبه بصيغة الجمع وأقول “أنتم” أو “حضرتك”!
كثير من جيل اليوم متمرّدٌ ساخطٌ عنيدٌ.. يركب رأسه ولا يسمع لنصيحة والده.. ولا يعرف قيمة أبيه إلا بعد رحيل أبيه عن الدنيا!
يتيم البشر هو الذي فقد والده.. ويتيم الحيوان والطير هو الذي فقد أمّه!
جلس الأب ووضع يده خلف ظهر ابنه وسأله: مَنْ أقوى الناس يا بنيّ؟ قال الابن: أنا يا أبتاه! نهض الأب ووقف عند باب الغرفة وكرّر سؤاله: مَنْ أقوى الناس يا بنيّ؟ قال الابن: أنت يا أبتِ! قال له الأب: لماذا قلتَ أنا في المرة الأولى؟ قال الابن: عندما كانت يدك وراء ظهري تسندني كنتُ أنا أقوى الناس بك يا أبتِ.. وعندما تركتني وابتعدت يدك عني صرت أنا أضعف الناس!
{ربّ اغفر لي ولوالديّ}.. {ربّ ارحمهما كما ربّياني صغيراً}.
د. عبد الباسط إبراهيم **الشارع العربي **