صناعة الحزن
يقال: إن الإنسان هو الذي يصنع الحزن لنفسه ويعيش حياته حزيناً كئيباً عازفاً عن السعادة وراحة البال غير مطمئن النفس لا يعرف طريق الرضا ولا طريق البسمة .
ولذلك تجد أشخاصاً من البشر يبنون لأنفسهم حياةً غير الحياة التي فطرهم الله عليها وهي راحة البال والبسمة والرضا بقضاء الله . تجدهم يحدثونك عن أن حياتهم بشؤم وكدر وكآبة وحزن بسبب ضيق العيش أوعن قصة فاشلة؛ أو حظ متعثر فتراه دوماً منطوي منعزل عن المجتمع صنع لنفسه ولحياته حزناً دائماً في مسار عمره. وقالوا : من بحث عن شيء وجده أي صنع وبحث ولجأ للحزن فهو معه لا ينفك عنه ويعيش معه حتى ألفه وتملك حياته لا تراه إلا حزيناً كئيباً.
نعم تمر على الإنسان منا في حياته تحديات وخطوب وعقبات فعليه أن يعلم أن هذه الصعاب ستمر كما مر غيرها .
فعلينا أن نغلق أعيننا عن أي مشاعر سيئة تكدر حياتنا وتسبب لنا الحزن وتعكر أمزجتنا؛ وكذلك علينا أن ندر ظهورنا للذين خلقوا فينا آلاما سببت لنا جروحاً غائرة .
واسعى لطموحاتي وخلق السعادة لنفسي وروحي وأقترب ممن أحب من صديق أو نهراً أو قمراً وشم عبير الصباح أو أي شيء أسعد عند لقائه.
ولابد أن نعلم أن أكبر تأثير على طاقتنا ومشاعرنا وحالات أمزجتنا يأتي من الناس اللذين نخالطهم إذا كانوا سيئون فسنكون كذلك وإذا كانوا طيبون نكون مثلهم نتخلق بأخلاق من نعيش معهم ونخالطهم فختار لنفسك جانب الراحة والبال والسعادة مع فئة طيبة كريمة تتطلع لرضا ربها سبحانه وتعالي .
فالحزن مرض كئيب يفتك بمن يألفه ويعيشه ويتمناه ولقد حذ رنا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يستعيذ منه كثيراً وكان يقول )اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل ومن غلبة الدين وقهر الرجال)
فعلينا أن نتجنب الحزن على قدر ما نستطيع
– ونلجأ إلى الله في كل صغيرة وكبيرة وأن تكن ألسنتنا رطبة بذكر الله (الذين أمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب )
– وكذلك أن نوطن أنفسنا على الأفضل والأحسن وأن نتغير لنكون في جو سعيد مليء بالتفاؤل والمرح ونبتعد عن كل ما يعكر صفونا (إن الله لا يغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم )
– الرضا بما قسم الله تعالى وهذا مهم جداً لأن الإنسان إذا لم يرض بما قسم الله له سيعيش في هم وحزن وكآبة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس )
– البعد كل البعد عن ما يغيب العقل ويكدر صفو الذهن من عقاقير ومخدرات واصدقاء سوء .
– عش اللحظة بما يحلو لك على الطبيعة والمألوف لا تقلد ولا تنظر لغيرك ولا تكن مقلداً عش فطرتك وطبيعتك وبيئتك ولا تغير مبادئك .
– نمي هوايتك إذا كانت لك هواية عشها ونمها مثل الرياضة أو القراءة أو الرسم …..الخ
– تجنب الحزن لأنه مرض يفتك بصاحبة .
يقال : أن الحزن يسبب أمراضاً كثيرة وعديدة في جسم الإنسان
مثل ضغط الدم, السكر, والقلب, الإصابة بالروماتيزم, وقرحة المعدة………الخ
وقال الشاعر في ذلك
والهم يخترم الجسيم نحافة
ويُشيب ناصية الصبي ويُهرم
ويقول: الشيخ محمد الغزالي في كتابه جدد حياتك تحت مسمى (هموم وسموم )
وقد كنتُ أعجب كيف أن فلاناً امتلكه الحزن إثر كارثة عصبية ,فإذا بعض أضراسه قد سقط من فمه , ثم أدركت بعد كشوف الطبّ الحديث أن الأزمات النفسية العاتية شديدة الوطأة على الجسم, وأنها تحول العصارات الهاضمة إلى سموم فلا تستفيد المعدة من أغنى الأطعمة بالغذاء , وأنها تفتت جير الأسنان وتزلزلها من مستقرها العتيد.
ويقول كذلك وقد قرأنا كيف أن بكاء يعقوب على ابنه أفقده بصره , وكيف أنّ الغمّ بلغ مداه بالسيدة عائشة – عندما تطاول عليها الأفُاكون- فظلت تبكي حتى قالت ) :ظننتُ أنّ الحزن فالق كبدي )
فعلينا أن ندرك أن الحزن يفتك بالإنسان ويدمره ويحطم سواعده وتفكيره وعقله ويشتت أفكاره ويجعل عمره قصير وفي مهب الريح .
السعادة وجلبها عمر مديد وبسمة ناصعة ومشرقة وعمر مزدهر وأن السعيد مبتسم دوماً وأن الحزين كئيب دوما .
سيد الرشيدي**الشارع العربي **