الصحة والمرض والسعادة
مضى على مزاولتي مهنتي كطبيب ما يزيد عن ربع قرن ..
وخلال هذه السنوات قابلت و عالجت واستقصيت آلاف المرضى.
إن الأمر الذي كان دائمًا يشغل بالي و يحيرني هو تعريف الناس للمرض و الصحة ، و طريقة تعاملهم مع انفسهم من خلال هذا التعريف .
فقد درج الناس على تعريف الصحة أنها غياب المرض !
ربما كان هذا صحيح إلى حد ما ، لكن التعمق في معنى الحياة ، وما معانيه فيها يعطينا معنى أخر للصحة ،
معنى نردده كمسلمين دون أن نغوص فيه :فكم مرة رددنا قول الرسول عليه الصلاة و السلام :
إن سألتوا فاسألوا الله العفو و العافية .
العافية !! ألا يمكن أن تكون هي المكافئ للصحة ،؟
لو عدنا لمنظمة الصحة العالمية و تعريفها للصحة لوجدنا أنها تعرف الصحة بأنها : المعافاة الكاملة ، جسديًا، نفسيًا
و إجتماعيًا..
فالصحة وفق هذا التعريف لاتعني فقط غياب المرض ، بل معناها أعمق و أوسع من ذلك بكثير.
فغياب المرض لا يعني العافية ، فكم من صحيح الجسد ، ممزق نفسيًا و يعاني إجتماعيًا.
إن الإنسان يتأثر نمط حياته و سلوكياته الغذائية و الإجتماعية و البدنية و البيئية ، فحتى لو ظهر لنا بأنه غير مريض ،
إلا أن هناك الكثير من العواصف و المآسي التي تعصف بحياته.
ويجب أن ننظر بعين العناية لما يمارسه من عادات غذائية سيئة ، محيط اجتماعي مضطرب ، تهديد أمانه وأمنه.
من يخالط ، و المشاكل التي يعاني فيها في محيطه الأسري,وكم ممن نعرف من يعاني من إدمان سلوكي أو فيزيولوجي.
ويجب أن لا ننسى إستقرار التكوين الداخلي للإنسان ، الروح و النفس ، علاقته بالله و ثقته به و اطمئنانه ، و علاقته بالآخرين
ليست الصحة غياب المرض فقط ، بل الصحة هي العافية و الإتزان الجسدي الروحي الإجتماعي و الإستقرار النفسي التي تضفي على الإنسان معافاة دنيوية تقوده إلى معافاة أخروية .
د: سليمان عمر **الشارع العربي **