الحسنة بعشر أمثالها
#فى سنة ٢٠٠٢ ، كنت بدرس بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية .. وكان ليا اصحاب من مختلف طبقات المجتمع . وكانت ظروفى على قدها جدا ، لان والدى موظف بسيط ووالدتى ست بيت . وكان ليا اخت بتدرس بكلية الطب وهى حاليا دكتورة اطفال ومتجوزة ..
المهم، جماعة من زمايلى اللى ظروفهم كويسة ، حبوا يعملوا فيا مقلب.. وطبعا مقلب موجع اوى..
قالوا لى تعال بعد الكلية نتمشي شوية ، ونشرب حاجة فى اى كافتريا برا… المهم خرجت معاهم وكانوا مجموعة شباب وبنات عددهم ١٠. وفي العادة ، كان كل واحد بيحاسب لنفسه .
المرة دى، بعد ماكل واحد شرب المشروب بتاعه، بدأوا يتحججوا، وكل واحد يخرج من الكافيه ويختفى ويبصوا لبعض ويبتسموا .. وانا مش فاهم حاجة .
لحد مابقيت لوحدى ، وماكانش معايا موبايل عشان اتصل بحد.
وبعد ساعه كاملة ، فهمت انهم كانوا قاصدين كدا. بس انا ماشكتش فيهم… ومش عارف كان دا غباء منى ولا طيبة زايدة.
المهم قمت عشان امشى فبسأل الكاشير ، كم الحساب؟ قاللى ٢٥٠ جنيه !! وكل اللى معايا كان ٣٥ جنيه … فاتصدمت..
قلتله، طيب ممكن صاحب المكان ؛ فقاللى اوك .
جالى راجل كبير فى الخمسينات.. وقاللى خير …قلتله حصل كذا وكذا وحكيتله الموقف… وقلتله بكرة حاجيبلك المبلغ .. وخلى كارنيه الكلية وبطاقتى الشخصية معاك ضمان لحقك ..
فضحك وقاللى، عيب يابنى خللى كارنيهك وبطاقتك معاك.. وتعال بكرة او بعدة، او وقت مايكون معاك وادفعهم. ولو مجتش خالص مسامحك..
انا عينيا دمعت من الموقف .. ومشيت وجيتله تانى يوم، اديتله 250 جنيه اللى كنت محوشهم .. واخدهم بالحاح شديد منى.
وخلصت كليتى بعد سنة ، وسافرت المانيا وربنا ادانى من فضله الحمد لله .
وبعد ١٠ سنين كنت خلصت الماجستير والدكتوراة.. واشتغلت فى شركة متوسطة هنا فى ميونخ ..
ورجعت مصر في اجازتى العادية ..
وسبحان من خلانى امشى لحد الكافيه دا في اليوم دا .. قلت اروح اسلم عالراجل دا ..
ولقيت الكافيه مقفول . سألت على عنوانه ، خفت لا يكون مات كنت هازعل جدا ..
رحت له البيت لقيته هناك وفتحلى الباب بنفسه .. وقاللى مين حضرتك يابنى؟؟ فذكرته بنفسى، وافتكرنى بعد معاناة ..
قلتله انا جاى ازورك واطمن عليك .. واسألك ليه قافل الكافيه بتاعك ؟؟
قاللى ، يابنى انا الديون زادت عليا من الضرايب والفواتير والمصاريف .. وماكنتش قادر ادفع مرتبات العمال لأن الكافيه مابقاش يكسب زى الاول ..
قلتله انت عليك كام وترجع تفتحه تانى ؟؟
قاللى مبلغ كبير يابنى.. وبعد اصرار منى قاللى عليا حوالى 120 ألف جنيه .
قلتله طيب ممكن بكرة اتغدا عندك ؟؟
قاللى يابنى اهلا بيك وتنور ..
تانى يوم العصر جيت له ، وكان مجهز غدا حلو اوى . واتغديت معاه .. وبعد كدا اديتله اكتر من المبلغ اللى قال عليه .. قاللى دا ليه يابنى؟ قلتله انا خلال اسبوع بالكتير عايز آجى اشرب قهوة في الكافيه، ممكن ؟؟
كان رفضه شديد .. وهو مش مصدق الموقف اساسا وبيترعش ..
وانا اصرارى كان اشد ..
فلما لقى مفيش فايدة، قال لى تعرف يابنى ، انا امبارح صليت لربنا وطلبت منه وانا ببكى ومش مصدق ان ربنا استجاب بالسرعه دى..
لقيته فضل يبكى لحد ماقلبى وجعنى . قلتله ها طيب آجى الكافيه بعد اسبوع اشرب قهوة ؟؟ ممكن ؟؟ ولا اجيب ماكنة القهوة معايا وانا ببتسم ؟؟
فابتسم وقاللى، ثوانى طيب هعملك ورقة بالمبلغ دا عشان اسددهولك لما ربنا يكرمنى ..
قلتله فاكر انت قلتلى ايه لما قلتلك هاسيبلك البطاقة ؟؟ قلتلى تعال وقت مايكون معاك، ولو ماجتش مسامحك..
وانا برضوا هاقولك مش هاخد ورق .. وبرضوا مسامحك جدا..
فحضنى حضن جامد اوى وهو بيبكى . وقلتله هاستاذنك دلوقتى وبعد اسبوع هاجى الكافيه وانا ببتسم..
عمر ربنا ما بينسى اللى بيعمل اعمال رحمه. وخصوصا مع الناس اللى فى ظروف صعبه وكله بتدابير الله ..
سبحان من خلانى انزل اجازة في الوقت دا تحديدا.. وسبحان من خلاه ييجى على بالى .. وسبحان من خلانى اروحله الكافيه .. وسبحان من سخر ليا راجل غريب في الشارع يعرف عنوان بيته ويوصلنى ليه..
#المغزى:
أن الله يدبر أمورنا من حيث لاندري
فموقفه معي كان من تدبير الخالق عندما كنت في حالة انكسار …. لكي أقف معه نفس الموقف وهو في حالة إنكسار
أليس كله من تدبير الله ولو بعد حين ؟
#وقائع_الشارع_العربي