آيات الإستجابة
يُطلق بعض العلماء علي سورة الأنبياء بـ سورة الإستجابة. ويرجع ذلك السبب إلى تكرار ورود لفظ “فاستجبنا له”
في هذه السورة أكثر من أي سورة أخرى في القرآن الكريم.
فقد ورد هذا اللفظ في سياقات مختلفة، مشيراً إلى استجابة الله تعالى لدعاء الأنبياء الكرام عليهم السلام.
وتلك المواضع هي:
- دعاء سيدنا نوح عليه السلام:
“وَنُوحًا إِذْ نَادَىٰ مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ” ([سورة الأنبياء: 107])
- دعاء سيدنا أيوب عليه السلام:
“وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهِ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ
- دعاء سيدنا يونس عليه السلام:
“وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا إِلَى الْبَحْرِ فَنَادَىٰ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ” ([سورة الأنبياء: 87])
- دعاء سيدنا زكريا عليه السلام:
وَزَكَرِيَّا إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ
تتضمن هذه المواضع دروساً عظيمة في التضرع إلى الله تعالى، والصبر على الشدائد، والإيمان بقدرة الله على تغيير مجرى الأحداث.
ففي كل قصة من هذه القصص، نرى نبيًّا من الأنبياء عليهم السلام يواجه محنةً عظيمة، يلجأ فيها إلى الله تعالى بالدعاء والإبتهال، فيستجيب الله تعالى له ويُزيل عنه الكرب.
هل الاستجابة قاصرة على الأنبياء فقط؟
بل هي حق لكل مسلم مؤمن بالله تعالى…
وقد أجمع علماء تفسير القرآن الكريم على ذلك، مستشهدين بما قص في هذه السورة لإستجابة سيدنا أيوب عليه السلام، حيث قال الله تعالى:
“رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَىٰ لِلْعَابِدِينَ”
كُل العابدين .. كل الذين يعبدونه سُبحانه وتعالى قريب من رحماته كسيدنا أيوب .
وبعد إجابته لدعاء سيدنا يونس ماذا قال:
“وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ”
كُل المؤمنين بِالله ( ليس فقط نبيه يونس عليه السلام )
فسرها العلماء علي أنها تجْمَع مفاتيح إستجابة الله سُبحانه وتعالى للدعاء
ولكن ما هي مفاتيح الدعاء من قصص الأنبياء:
- الصبر:
الصبر مع اليقين بأقدار الله تعالى، صبرٌ جميل لن يفهمه من سخط علي أقدار الله ولا ننسي الاحتساب
- الأدب في مخاطبة الله:
تمثل ذلك في قصة نبي الله أيوب عليه السلام، حين خاطب ربه تعالى بقوله: “أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”.
” مَسَّنِيَ ” جاءت مبنية للمجهول لان سيدنا أيوب استحى يقول لربه إنك مسستنى بضر ومرض فقال ” مَسَّنِيَ ” مجهلّة، وخاطب ربنا بإنه “أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ”
نعود بذاكرتنا إلى سورة الشعراء وهي نفس المدرسة التي كان يخاطب بها سيدنا ابراهيم عليه السلام ربنا لما قال
” الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ
ففي هذه الآيات الكريمة، نجد سيدنا إبراهيم عليه السلام ينسب الخلق والرزق والشفاء إلى الله تعالى، بينما لم ينسبه إليه المرض. فلم يقل “وإذا مرضني فهو يشفيني”، هذا يدل على عظم إيمانه وتوكله على الله تعالى، حيث لم يجعل للمرض مكانة في تفكيره، ولم ينسبه إلى الله تعالى.
وكأن الأنبياء في خطابهم لله عز وجل ينسبون له كل خير ويبعدون عنه سبحانه وتعالى أي شر، حتى لو جاء بقضاء الله تعالى. فهم يعلمون أن الله تعالى لا يراد الشر لعباده، وأن كل ما يصيبهم هو خيّر لهم، وأن الله تعالى هو اللّطيف الخبير.
- التواضع والاعتراف بالذنب:
ظهر ذلك في قصة نبي الله يونس عليه السلام، حين قال في بطن الحوت: “لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ”.
فبدأ دعائه بالتأكيد على توحيد الله، ثم التسبيح، ثم الإستغفار
الإحسان والمسارعة إلى الخيرات:
تجلى ذلك في قصة نبي الله زكريا عليه السلام، حيث قال الله تعالى: “فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَىٰ وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ ۚ”
لماذا ؟
“إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا ۖ وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ”
#مختارات_الشارع_العربي