الجوهرة البيضاء
كان جميلا البقاء بمحاذاتها ، امرأة كباقة ورد ، تفتح بتنسيقها شهيّته في خوض الأسئلة ، تُثْمِل الحِبر ، تجعله يحتسي الأجوبة بأناقة ، جماليّة تأثيرها بحياء مترفّع جعلته أسير الخوف المزمن من استلطاف اختيارها له مقارنة بخيارات عاطفيّة أخرى .. إنّها تتقاسم معه في بضع كلمات زاده من العمر و كلّ العمر .. من الحنان و كلّ اليُتم .
_ هل بإمكاني أن أستعير قلمك ؟!
_ حتما ..
_كان لعبورها الخاطف بين النّصوص عطرا يشوّش على كبريائه ما استطاع أن يلغي من وجودها الّذي يعود به إلى مكمن حزنه ، مشدود الوثاق إلى رواسب عاطفيّة تراكمت تحت مظلّة الصّمت ..
إلّا أنّها إمرأة تخشى بيوتا نوافذها إلى الدّاخل ، تحاشت دربا متعرِّجا مغلقا قد يوصلها إلى ضوء خافت يوقظ فيها وهما جميلا يُفقِدُها صوابها ، كانت تتعفّف عن إيذاء حلم العطر الّذي استوطن تلافيف ذاكرتها ، الأمر عندها يتجاوز جماليّة سكب عطر كلّ منهما في قارورة الآخر ، و اقتسام أبديّة شذا الحنين . لا شيء غير إكرام متأخّر لعطرها ناب عنه الكبرياء ..
_ مثلها هو ، ذهب بكبريائه إلى أقصاه ، إلى نسج أكثر من نهاية لقصّةٍ رُعْبُ بداياتها يفوق دُوار نهاياتها ، يتعثّر الحنين باللّهفة و يقع على صخرة الأنين ، بتلك السُّرعة الإرتطاميّة القصوى ، كان هو على ثقة بأنّها ستخترق مسام المستحيل و ستسرق اللّحظات الأخيرة من الغيم و الرّذاذ و حتّى حزن الموسيقى الهاطلة على جروح الإرتطام .. كبرياؤها يُغلق البابَ شامخا و قلبها يفتحُه معاتبا .
_مثلها هو ، و إن غلب كبرياؤه حنينه ، أينما تعثّر بعطرها ، إلتقط الحياة بجرأة و جَدْوَلَ سقوطَه القادم .. فالعشق يقتات على أبديّة أخطاء العشّاق .
جوهرة #الشارع_العربي