فضائل العلم
في ذات يوم من عام 1970 حيث كنت في بداية العشرينات من عمري وحدثت إشكالية بين رجل أعمال وإحدى القرى . التي يستحضر من الحجارة وكنت أعمل عنده في تحضير وتفجير البارود الأسود..
وأنا بطبيعة بشرتي أسمر وزادها لون البارود الأسود الذي يغطي بشرتي وأرتدي ثياب عمل مهترئة ومرقعة بيد والدتي رحمها الله وبألوان غير متناسبة على الإطلاق والبارود أيضا زادها بشاعة ؛وأنا في شكل يقزز الأنفس. .
لكن رجل الأعمال يعرفني جيدا ويظن بأنني لبيبا فجاء عندي أثناء العمل وطلب مني الذهاب لمضافة القرية لأكون المفاوض عنه …
حاولت الإعتذار.. لكنه أصر ورافقته من الورشة إلى المضافة مع عدد من رفاقه. وكلهم من الأثرياء ..
وكانت تلك المرحلة يستقبل الضيوف على فرش من الصوف مغطاة بشراشف بلون ابيض وحالتي لا تسمح على الإطلاق بالجلوس على ذاك الفرش.. فجلست عند باب المضافة وجلس رجال الأعمال في صدر المضافة وفتح موضوع الخلاف و بادر صاحب المضافة بالحديث الذي استهله ببعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لكنه ثلاثة أرباع ( أمي) ولم يوفق في لفظ حديث أو آية كما يجب ذكرها..
وعندما جاء دور رجل الأعمال الذي أعمل عنده في عرض موضوعه أشار إلي لأتكلم عنه . وما أن باشرت حديثي.. ولم تمض خمس دقائق وإذ بصاحب المضافة ينهض ويشدني إلى الصدر ويجلسني على الشراشف البيضاء علما بانني أنا متقزز من حالي . وقارف من شكلي . ( ثياب مرقعة وبارود أسود يغطيها . وتابعت الكلام لأكثر من ساعة ولم يتحدث أي من الحضور ولو بكلمة واحدة …
وحل الإشكال بناء على ما بينت وفصلت .
نظرت إلى الشرشف الذي أجلس عليه وإذ به يلبس حلة سوداء من البارود فحزنت عليه.. واعتذرت لصاحب المضافة..
فقال: يا أستاذ إن ذلك الشرشف لن أغسله أبدا وسأعلقه للذكرى و#العبرة .. لأنك في حديثك تركت أثرا لا يمحى وأدهشتنا وبتنا لا نستطيع محاورتك فرضينا بما فصلت ليس لعدل التفصيل بل لبراعة الذي فصل ولا يجوز ان يجلس على ذلك الشرشف من بعدك أحد .
كان ذلك فضل الله …كم من كلمة بسيطة جعلتني انتقل من العتبة إلى الصدر وعلى شرشف أبيض رصد بعدي على إسمي
وهنا أذكر قول الشاعر :
تعلم يافتى والعود غض..
وطبعك لين والطين قابل..
يكفيك يافتى شرفا وفخرا ..
سكوت الحاضرين وأنت قائل
#العبرة :
لباسك يرفعك قبل جلوسك …
وعلمك يرفعك بعد جلوسك…
علي علايا : #الشارع_العربي