ضربة معلم
يُحكى أن سفينة عملاقة تعطل محركها، واستعان أصحابها بمجموعة كبيرة من الخبراء؛ ولكنهم فشلوا جميعاً في معرفة سر العطب وإصلاح المحرك الذي خاصم الدوران.
* حارت بهم السبل، وضاقت بهم الحيل، وما أشاروا عليهم بأحد المتخصصين في إصلاح السفن إلا وهرولوا إليه، ولكن محاولاتهم جميعاً باءت بالفشل، حتى أتى إليهم رجل يعمل في إصلاح السفن منذ سنوات الصبا الأولى، كان يحمل معه حقيبة بها بعض الأدوات التي يحتاجها في إنجاز مهمته، وعندما وصل، بدأ في فحص المحرك بتأنٍ، وظل يقرأ الأوضاع من حوله في صمت وتأمل وتدبر بلا أدنى صخب، وعيون أصحاب السفينة تراقبه عن كثب، ممنين أنفسهم بمعرفة الرجل لمكان الخلل وإصلاحه، وبعد الانتهاء من الفحص، ذهب (الخبير) إلي حقيبته، وأخرج فقط مطرقة صغيرة، وبهدوء ضاعف قلق أهل السفينة طرق الرجل علي جزء معين من المحرك، وبعدها مباشرة عاد المحرك للحياة، وبذات الهدوء المحير أعاد الخبير المطرقة إلى مكانها، وقال بتواضعٍ : (المحرك تم إصلاحه تماماً)، ولم يصدق أصحاب السفينة ما حدث بعد أن أُغلِقت الأبواب في وجوههم، وفقدوا الأمل تماماً.
* الطريف في الأمر أنه بعد حوالي أسبوع أستلم أصحاب السفينة فاتورة الإصلاح من الرجل الخبير، وكانت مفاجأة بالنسبة لهم فقد طلب عشرة آلاف دولار، ونسبة لأنهم كانوا حضوراً ساعة إصلاح الخلل؛ فقد رأوا أن المبلغ المطلوب كبير جداً، فالخبير لم يفعل شيئاً سوي الطرق بالمطرقة لمرة واحدة، وطالبوه بفاتورة مفصلة حتى يعرفوا ما أنجزه، كي يمنحوه أجره كاملاً، وبذات الهدوء الذي أصلح به الخلل، أرسل الخبير فاتورة من نقطتين فقط، قال فيها :
(الطرق بالمطرقة قيمته دولار واحد، وقيمة معرفة أين تطرق تساوي ٩٩٩٩ دولاراً !!)..!
د: رضوان بك موسى#الشارع_العربي