حب العذري
في ليلة صيفية حارة مُقمرة منتصف شهر رجب ،من عام 2007
صلينا العشاء في مسجد القرية ،
رجعنا إلى البيت أخذ والدي بيدي وقال تعال نصعد إلى سطح البيت نشم الهواء العليل ونتناقش بموضوع مهم،
صعدنا والهدوء يخيم على القرية بإستثناء أصوات أزيز بعض مولدات الكهرباء الصغيرة ونقيق الضفادع في البركة المجاورة لمنزلنا
أبي : يابني تعرف أنو عرس أخوك بعد كم يوم إيش رأيك نعرس لكم سوا وقدهي خسارة واحدة ؟
أنا :هاه !! ايش قلت ؟ عرس؟ أنا؟
قال : أيوة تعلم أنو كل النجهيزات قد تمت وسواء كان واحد ولا اثنين بتكون نفس الخسارة باستثناء المهر ،
قلت: الفكرة حلوة ,
قاطعني :وبعدين العروس جاهزة ،
انا : انصدمت وسرحت بخيال بعيد معقولة عرف بقصة حبي ل جارتنا القديمة مها؟
معقول امي خبرته ولا أختي ؟
معقولة للي تمنيتها وحبيتها حب عذري ألتقي بها بعد كم يوم وأنا اللي كانت أقصى توقعاتي اني ادرس جامعه ومن ثم احصل على عمل ومن ثم اتزوجها!
تساؤلات لم يقطعها إلا صوت أبي ..ويي يابني وين راح حسك ؟؟
قلت له : ومن هي العروس؟
قال : سهام بنت صديقي احمد ؟
انا : هاااه سهام !! سرحت بفكري قليلاً صحيح أنها جميلة ولكن جمالها لا يضاهي جمال مها خاصتي فقد كانت فعلاً ملكة جمال القرية، صحيح ابوها واهلها محترمين بس مش مثل اهل مها وطيبة قلوبهم ،،معقول اخون حبي العذري ل مها التي لا أتخيل يوما انني أمسك بيد غيرها وألبسها الخاتم !! لا لا لا يعقل
أبي : هاااه ايش قلت موافق ولا لا؟
انا : لا لا ياباه من قلك أني اشتي اتزوج عادنا صغير وبعدا انت داري اني بدرس هالسنة أول سنة جامعه يعني مابقدر اوفق بين الزواج والدراسة وانت داري ان الزواج مسؤولية وأنا مش قدها بالوقت الحالي.
أبي : كلامك مقنع يابني خلاص اللي تشوفه ربي يوفقك ،
لم أكن أعلم أن بعد هذا النقاش ستنتهى بعده كل أحلامي في الظفر بمن اختارها قلبي في قصة حب عذري نقية صافية لم يشوبها أي شائبة ،
ليتني وافقت ولكن ليتني قلت له من أريد ومن يريدها قلبي ف أبي شخص متفهم ولا أظنه سيمانع لكني خفت في حينها أن يرفض ،
مر شهران ونصف وتوفى أبي وتغيرت حياتي 180 درجة رحلت إلى العاصمة للعيش والدراسه ..لم استطع ان ارجع الى القرية ف امي وأختي كانا سبب وجيه للسفر إلى القرية للإطمئنان عليهما وللإطمئنان بأن حبي لا يزال يعيش في قلب محبوبتي لكنهما سافرا بعد فترة وجيزة،
استقرينا في المدينة سنة ورا سنة ومحبوبتي تنتظرني مرت أربع سنوات ولا أعلم عنها شيئا سوى أنها ترفض الخطاب واحدا تلو الآخر ولا تعلم عني شيئا سوا أني أدرس وسآتي بعد دراستي ل خطبتها ، للعلم لا يسمح في أغلب مناطق الريف اليمني للنساء من حيازة الموبايل خاصة الشابات منهن ،
انهيت دراستي فقلت لابد أن أحصل على وظيفة أجمع ما استطيع جمعه ومن ثم اسافر لخطبتها والزواج ،
لكنها علمت اني اكملت الدراسة ولم آت لخطبتها ،
لا أدري من وسوس لها بأني ربما سأتزوج ب زميلة لي في جامعتي وأني صرت إنسان متعلم ولن أقبل بالزواج من بنت لم تكمل الإعدادية حتى ،
اللحظة الفاصلة ،
أحد أقربائي طفل في العاشرة أتى من قريتي إلى المدينة لكي يتعالج وسكن معنا في بيتنا رحبت به وسألته كيف البلاد وهل في أحد يسأل علي؟
فاجأني بقوله فلانة بنت فلان “مها”
سألتني عنك وقالت اسألك انت بترجع ولا لا ؟؟!..
وكأنها تقول هل لا زلت تربدني أم لا ؟ هل لا زلت وفي لحبنا ولا لا؟
جن جنوني وقلت لأمي أريد نسافر ونطلب يد البنت
أمي قالت ماعندك قيمة خاتم حتى كيف بتروح وتتزوج اصبر لحتى تكون وتضبط نفسك ،
قلت طيب ياصبر أيوب ،
ماهي إلا أسبوعان وأتاني الخبر كالصاعقة تم خطبة مها لأحد شباب القرية ؟
لم تسعني أرض ولا سماء تمنيت الموت كيف لي أن أعيش بدونها ؟
أيام قليلة وتم الزواج’
عشت أيام وليالي كلها قهر ووجع وألم صدقوني مافي شي أصعب من أنك تفقد شخص حبيته بكل جوارحك خاصة لو كان حب صافي نقي ،
لكن الحمد لله لأن إيماني بربي قوي تجاوزت هذه المحنة …صحيح لم أنساها وتضل محفورة بقلبي لكني لم أنهار ولم أفقد السيطرة بنفسي كما البعض ،
الطريف في الأمر أني لم تدس قدمي قريتي إلا بعد عشر سنوات..
وعندما سافرت بعد غربة 10 سنوات ثاني يوم من وصولي وأنا أتجول حول القرية وجدت بنت ترعى الأغنام وبكل براءة سألتها أنتِ بنت من؟
قالت بنت فلان ابن فلان طلعت بنت صاحبة قصتي هاته لا أخفيكم فعلا كانت تشبه أمها كثيراً…
قلت سبحان الله وكأن القدر يريد تذكيري بها حتى آخر عمري،
عبد الغني اليمني #الشارع_العربي