تشرب قصب؟
منذ بضعة أشهر، جاءت سيدة في أواخر الستينات إلى استقبال الطوارئ برفقة ابنها الشاب، وقد كانت تعاني جرحًا في جبهتها بسبب ارتطام رأسها بالدَّرَج بعد أن انزلقت قدمها في حين نزول الدرج (هكذا قال الابن على أي حال).
بعد فحص المريضة جيدًا والاطمئنان على حالتها العامة والتأكد من عدم وجود إصابات أخرى، بدأت في تقطيب الجرح بخيط جراحي رفيع، وبقُطَبٍّ متفرقة متقاربة كي لا يترك الجرح ندبة كبيرة فيما بعد (وهو ما يستلزم وقتًا وتركيزًا كبيرين عادةً)، وحين شارفت على الانتهاء، باغتني الابن بسؤال مفاجئ…
الابن: تشرب عصير قَصَب يا دكتور؟
فأجبته على الفور: لا شكرًا، ربنا يخليك.
فأجابني على فَورٍ أكثر فورانًا من فوري: لا أنا أقصد الحاجَّة!
أنا: هاه؟ آه، الحاجة… هاها… نت بتقول إن عندها السكر، صح؟ خلينا نقيس لها السكر الأول… ههه!
استغرق هذا الموقف ثواني معدودة، وجدت بعدها زميلتي الممرضة التي تساعدني تكتم ضحكاتها فلا تستطيع وتبتسم لا إراديًا بين الحين والآخر؛ فتظاهرتُ بالانهماك في العمل وكأن شيئًا لم يحدث، إلى أن انتهيتُ من تقطيب الجرح ووصف العلاج وتعليمات الغيار وموعد فك الخيط، وفررتُ هاربًا إلى مكان يمكنني الضحك فيه دون أن يسمعني أحد!
د: محمد ياسر #الشارع_العربي