طبول الأمانة
وبصدق تجارته أصبح من أشهر وأغنى التجار، وصار كبار التجار يحسدونة على تجارتة الرائجة وحسن سمعته والبضائع الجميلة التى إشتهر بها دكانه وتزاحم عليها الزبائن.. .
أود أن أشتري منك الكثير من البضائع ولكن للأسف ليس معى ما يكفي من المال لشراءها الآن، وإذا أتيت معى إلى مدينتي سوف أعطيك الثمن وأكرمك ..
ولأن التاجر الأمين طيب القلب زد على الفور :
لابأس خذ كل ما تحتاج فأنا ليس من عادتى أن أرفض طلب أو خدمة أحد فكله من فضل الله ..
وبالفعل اختار التاجر الغريب كل ما أراد من القماش وودع التاجر واعدا إياه بأن يأتي له بثمن البضاعة ..
كان الطريق طويلا وشاقا وبمجرد أن وصل التاجر الصادق الى متجر التاجر الغريب
فألقى عليه السلام وذكره بنفسه .. لكن التاجر الغريب تجاهله ولم يرد على سلامه وأنكر أنه لا يعرفه وأقسم بالله عدة مرات أنه لم يره أبداً من قبل ولم يأخذ منه أي شئ ولم يسافر إلى بلدته أبداً !!
وعندما صمم التاجر الصادق على أنه يعرفه أمر التاجر الغريب ،عماله بأن يلقوا بالتاجر الصادق خارج المتجر،…
في هاته اللحظة شعر التاجر الصادق بالحزن لأنه قدم معروفا في غير أهله ..وهو يردد لا حول ولا قوة إلا بالله
بدأ التاجر الصادق يفكر كيف يستطيع الحصول على ماله وإ
وبدأ يستغفر ويدعو الله بأن يلهمه الصواب والنصر ليثبت كذب ذاك الخائن أمام الجميع ويسترد ماله وكرامته ..
وهو على ذاك الحال من الدعاء والتضرع إذ سمع قرعات طبول ..فسأل عن سبب قرع تلك الطبول..
فأخبروه أن قرع الطبول من طقوس الموت في تلك المدينة، فكلما مات شخص معين يتم قرع الطبول، التي تكون قرعاتها بهيبة ومكانة الميت في المجتمع ، فإذا كان شخصا عاديا يتم القرع أربع مرات، وإذا كان الميت أرفع مكانة وعلماً قرع الطبل عشر مرات ،وإذا كان حاكم المدينة تقرع الطبول عشرين مرة ..
هنا خطرت على التاجر فكرة.. فذهب إلى قارع الطبول وطلب منه أن يقرع الطبول ثلاثين مرة مقابل إعطاءه ليرة ذهبية، وبالفعل قام قارع الطبول بتنفيذ ذلك…..
ودوي الصوت قوياً جداً ،و سادت البلبلة والفوضى أرجاء المدينة وخرج الجميع يتساءل عن سر هذه الطبول، حتى وصلت الأخبار إلى قصر الحاكم الذى أمر فوراً بإحضار قارع الطبول الذي أخبره أنه قرعها تنفيذا لطلب التاجر مقابل ليرة ذهبية..
غضب الحاكم وأمر بإحضار التاجرالصادق الذي حضر مبتسماً هادئاً بكل ثقة وشموخ ….
سأله الحاكم عن سبب فعلته ..؟
أجابه التاجر :
” إذا كانت وفاة الحاكم يقرع لها عشرين قرعة طبل، فما العجب إن قرع لموت الأمانة والصدق ثلاثين قرعة ؟!
وبدأ التاجر بقص حكايته على الأمير وكيف تم النصب عليه وخداعه، فأعجب الأمير بكلام التاجر الأمين وأخلاقه وأمانته،
فأمر بإحضار التاجر الكاذب الذي اعترف بخيانته للتاجر الأمين فرد له أمواله وأودع السجن …
وأكرم الأمير التاجر الأمين تقديرا لصدقه وأمانته..
يا ترى كم قرعة طبول يجب أن تقرع في هذا الزمان ؟
#مختارات_الشارع_العربي