وقائع

زوجي الذواق

تقول صاحبة القصة:
في السنين الأولى من زواجي لم أكن متمكنة من الطبخ،لكن سرعان ماكتشفت أن زوجي شخص ذواق بامتياز،ولا يقبل من الطعام إلا كل متقن العمل وجيد النوعية.

وكما يقولون أقصر طريق لقلب الرجل هو معدته:

فاجتهدت أيما اجتهاد في تعلم كل أنواع الطعام والمخبوزات والحلويات التي يحبها.

كان الفضل لأم زوجي هي التي علمتني كل صغيرة وكبيرة..مع استعانتي بكتب الطبخ ..حتى أصبحت بارعة

 ومتمكنة فيه مما جعل كل من يتذوق طبخي يمدحني ويسألني على الوصفة..
كانت  حماتي تقول لي دوما:** انك نجحت في أكبر امتحان اذ ان زوجي بالذات ذواق بدرجة كبيرة خلافا عن كل اخوته وانها كانت دائما تفكر يا هل ترى سيجد من تستجيب لكل هذا التدقيق !!والتأكيد على أدق التفاصيل في الوجبات الغذائية اليومية..؟!

فهو لا يأكل أكل المطاعم إلا مجبرا لانه يسافر من الحين والٱخر لمتابعة المكتب الثاني الخاص بالتسوق التابع لشركتهم

كنت سعيدة جدا في حياتي ولكنني مرهقة ومتعبة،ليس سهلا أن تكوني أم لأربعة أبناء وعاملة في إحدى القطاعات .

بعد خمسة عشر سنة من الزواج،

وفي يوم من الأيام ،دخلت لمقر عملي ،أحسست بهمسات ونظرات غريبة من الزميلات!

لتصارحني إحداهن،أن زوجي متزوج منذ سنة ونصف بزميلة له في المكتب الثاني وأنها لا تعرف للطبخ طريقا،وأنهما يأكلان يوميا في المطاعم خارج البيت.

طبعا أول شيء فعلته،طلبت عطلة مرضية لخمسة عشر يوم،لأجلس مع نفسي وألملم شتاتها ..
في ماذا قصرت وكيف هنت عليه بعد كل هذه السنين وهذه التضحيات؟ حتى لا أزعجه كنت أنا التي أشتري  الطلبات الإضافية لأهيء له أشهى أنواع الطعام ..ويوميا أتصارع مع أشكال وأنواع من العجائن لأرضيه فقط..

لم تبكيني الا العشر الأواخر من رمضان التي أقضيها في صنع كثير من الحلويات الدقيقة والمعقدة التي ياكد عليها وياكد على كميتها الكبيرة لكي يتباها بها أمام أصدقائه.

نظرت في المرٱة فوجدت نفسي تعديت عمري بعشر سنوات أخرى.عمري الذي قضيته في إرضاء رغبات زوجي في الطبخ

 لأتجنب انتقاداته اللاذعة على كل صنف تقع عليه عينه في طاولة السفرة.

طبعا بمجرد رجوعه من السفر والدخول للبيت طلب أن اطبخ البامية للعشاء  ومعها ذلك الخبز العتيق  ..
قلت له فقط أن الإمتحانات على الأبواب،ويجب أن أساعد الأبناء في دراستهم..،يوما ٱخر ساطبخها؟!!!

في اليوم التالي طبخت قدر من العدس بأبسط طريقة واشتريت عدة خبزات ثم نمت

عندما عاد للبيت للغداء،طبعا أقام الدنيا وأقعدها ذلك الذواق المتعجرف.

وغضب أكثر عندما علم بالعطلة المرضية.

طبعا في اليوم الموالي إختفى كعك الصباح من مائدة الفطور.. مثلما إختفت عواطفي الطيبة والساذجة!!!

لحد الساعة لم يسألني: هل أنت مريضة؟!

طبعا يدخل متذمرا ويخرج متذمرا تارة أخرى عندما سافر لمدة ثلاثة أيام،طلبت الطعام من إحدى المطاعم،التي يملكها أحد اصدقائه،واكدت له أنه هو من يدفع له عند رجوعه.. اصبح عندي وقت فراغ، في الإهتمام بنفسي ذهبت حينها للكوافيرة

واشتريت لي بعض الألبسة الجديدة.

ليس هذا فقط سجلت في نادي رياضي لأتخلص من سنين من الكبت وسنين من التعب.

الطبخ هو أصعب عمل عندنا،لأنه يوميا يأخذ من وقتنا وتركيزنا خاصة عندما يكون معقدا.

هو يأخذ مساحة كبيرة من افكارنا ومجهوداتنا تلك اللقمة الصغيرة التي تأكل في دقائق .. تأخذ مجهودا ومساحة كبيرة من وقتنا وأفكارنا و تتطلب ساعات وساعات من التحضير والتدبير.

تحية لكل من قدر قيمة كل لقمة شهية من يد من تعب وأفنى وقته وطاقته فيها

المها العتيبي   #وقائع_الشارع_العربي

.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى